• الصين .. اضطراب أسواق المال يعيد ذكريات «مذبحة» 2015

    09/07/2018

     جابرييل وايلداو من شنغهاي

    عاد الاضطراب إلى الأسواق المالية الصينية بعد أكثر من عامين من الهدوء النسبي، على نحو أحيا ذكريات 2015-2016، عندما استقطب هبوط سوق الأسهم وانخفاض قيمة العملة انتباه المستثمرين العالميين وأثار مخاوف بشأن المخاطر النظامية.
    حتى الآن لم تصل انخفاضات السوق إلى مستوى عام 2015، عندما تراجع مؤشر شنغهاي المركب أكثر من 45 في المائة على مدى شهرين، بين حزيران (يونيو) وآب (أغسطس)، في حين انخفضت قيمة الرنمينبي 10 في المائة بين آب (أغسطس) 2015 ونهاية عام 2016.
    ودفعت التحركات إلى تدخل كبير من السلطات في كلا السوقين. وفي حين أن استخدام احتياطيات النقد الأجنبي لدعم الرنمينبي يُنظر إليه عموما على أنه جهد ناجح – وإن كان مكلفا – لإضفاء الاستقرار على توقعات السوق، إلا أن خطة إنقاذ سوق الأسهم ينظر إليها على نطاق واسع أنها فاشلة.
    في آب (أغسطس) 2015 خلص تقييم داخلي للجهد إلى أن ما يسمى "الفريق الوطني" المؤلف من مستثمرين مدعومين من الدولة ينبغي أن يتخلى عن جهوده الخاصة بالإنقاذ.
    قال شوانغ دينغ، الخبير الاقتصادي في مصرف ستاندرد تشارترد في هونج كونج: "من الطبيعي تماما أن نفكر في عام 2015 في الوقت الحالي، لكن كان يجب على الحكومة أن تتعلم بعض الدروس من تلك الحادثة التي لم تكن ممتعة".
    وأضاف: "في ذلك الوقت أصيبت الحكومة بالهلع حتى قبل أن تشعر به السوق. تدخلوا بشكل مفرط، ما عمل على إيجاد توقعات غير واقعية بين المستثمرين. هذه المرة ظلوا عموما على الهامش وسمحوا بتفاعل السوق مع تباطؤ النمو الاقتصادي واحتمال اندلاع حرب تجارية".
    من بعض النواحي، صناع السياسة الصينيون في وضع يسمح لهم بمواجهة العاصفة الأخيرة بشكل أقوى مما كانوا عليه في 2015ـ2016.
    أولا، تقييمات الأسهم الآن أكثر تواضعا. فعلى الرغم من أن أسهم شنغهاي ارتفعت بشكل مطرد بعد تراجعها في كانون الثاني (يناير) 2016، إلا أن ما يسمى "الأسهم A" كانت لا تزال تقدر فقط بـ 17 مرة ضعف أرباح الفترة السابقة الممتدة على مدى 12 شهرا عندما أغلق مؤشر شنغهاي المركب عند أعلى مستوى له منذ عامين في أواخر كانون الثاني (يناير) من هذا العام. وبحسب بيانات "ويند إنفو" Wind Info كان هذا أقل بكثير من نسبة 24.6 في ذروة الفقاعة في حزيران (يونيو) 2015.
    وبحلول إغلاق يوم الجمعة، انخفضت نسبة سعر السهم إلى الأرباح في شنغهاي إلى 12.5، أي أدنى من 12.9 عندما وصل مؤشر شنغهاي المركب إلى القاع في كانون الثاني (يناير) 2016، ما دفع بعض المحللين للعثور على فرصة شراء.
    وقال لين لونغ بينغ، كبير المحللين الاستراتيجيين في "جوتاي جونان سيكيوريتيز" في شينزن: "هذا النوع من التراجع له عنصر غير عقلاني. التقييمات الآن عند نقاط منخفضة من الناحية التاريخية. إذا وضع الناس أنظارهم على المدى الطويل، هناك قيمة استثمارية حقيقية عند هذا المستوى".
    فيما يتعلق بالرنمينبي لا توجد حتى الآن إشارة تذكر إلى تفشي حالات هروب لرؤوس الأموال من النوع الذي حدث في 2015-2016، الذي دفع السلطات إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد صفقات الاندماج والاستحواذ على الشركات الأجنبية وغيرها من قنوات التدفق الخارج.
    بدلا من ذلك، يبدو أن الانخفاضات الأخيرة مدفوعة إلى حد كبير بحالة من التشاؤم ناشئة من تباطؤ الاقتصاد، إلى جانب مخاوف من تداعيات الحرب التجارية على الفائض التجاري للصين.
    يضاف إلى هذه الضغوط أن الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة تماما في الوقت الذي يعمل فيه التخفيف النقدي على دفع أسعار فائدة الرنمينبي إلى الانخفاض. والنتيجة هي انحسار الفجوة بين أسعار الفائدة على الدولار والرنمينبي، بعد أن عملت سنوات من العوائد الأعلى المتوافرة على الأصول الصينية على تقديم خط أساسي لدعم الرنمينبي.
    وشهد المتداولون إشارات الأسبوع الماضي، عندما تدخل بنك الشعب الصيني بتواضع للحد من انخفاض سعر صرف الرنمينبي، لكن لدى البنك الآن ذخائر أقل للتدخل على نطاق واسع. وأدى بيعه الدولار في 2015 ـ 2016 إلى تقليص كومة مقتنياته من أعلى مستوى لها على الإطلاق عند أربعة تريليونات دولار في منتصف عام 2016، لتصبح 3.12 تريليون دولار بنهاية أيار (مايو) الماضي.
    وقال دينغ: "إذا كان هناك مزيد من الضغط على سعر الصرف، فلا أستبعد التدخل في السوق من خلال بيع الدولار، لكنهم بالتأكيد لا يريدون انخفاض احتياطي العملات الأجنبية إلى أقل من ثلاثة تريليونات دولار". وهناك مساحة أقل لتشديد الضوابط على رأس المال أكثر، خاصة لأن ذلك من شأنه أن يعرض للخطر جهود صناع السياسة الرامية إلى جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية إلى أسواق رأس المال المحلية.
    وتلقى هذا التوجه دفعة من تحركات ترمي إلى إدراج الأسهم والسندات الصينية في المؤشرات العالمية، لكن أي تحرك لتقييد التدفقات الخارجة سينظر إليه على أنه تراجع محرج.
    العنصر المثير للقلق في كل من سوق الأوراق المالية وسوق الصرف في الصين هو قطاع العقارات. يشعر كثيرون بالقلق من أن القطاع الآن في فقاعة أكثر حدة مما كان عليه الحال في عام 2015. انخفض مؤشر الشركات العقارية المدرجة في شنغهاي 16 في المائة خلال الأسبوعين الماضيين، مقارنة بانخفاض مؤشر شنغهاي المركب 5 في المائة.
    الأخبار التي تقول إن بنك التنمية الصيني كان يتراجع عن برنامج دعم لمشتري المنازل ـ أدى إلى ارتفاع خطير في المبيعات ونمو الأسعار في المدن الصغيرة منذ عام 2016 ـ أثارت التراجع الأخير في أسهم شركات التطوير العقاري، ما يسلط الضوء على المزاج العصبي في السوق.
    وفي حين أن قلة من الناس فقط تتنبأ بانهيار صريح في سوق العقارات، إلا أن حدوث انخفاض في السعر حتى بنسبة 10 في المائة سيحدث هزة في الاقتصاد الصيني، لأن العقارات هي التي تدعم الطلب على التصنيع، وضمانات الدين، وميزانيات الحكومات المحلية.
    قال هاو هونغ، رئيس البحوث في "بوكوم إنترناشونال" في هونج كونج: "فقاعة العقارات ملموسة تماما. ارتفعت الأسعار إلى الضعف منذ بداية عام 2016 عبر مدن الطبقة الثالثة والرابعة".
    "من المحتمل أن نكون الآن في فقاعة أكبر بكثير مما كانت في عام 2015، ما يقيد خيارات السياسة الحكومية. لا يمكن أن تكون السياسة النقدية متراخية أكثر من اللازم، لأن هذا سيضخم الفقاعة أكثر من قبل".

حقوق التأليف والنشر © غرفة الشرقية